من القلب للسنة و الشيعة
من القلب للسنة و الشيعة
السنة و الشيعة موجودون منذ القرن الأول للإسلام و طيلة الفترة الماضية كانوا متعايشين باستثناء بعض حالات التناحر و إذا تم التحري عن الأسباب الحقيقية لهذا الانشقاق و هذه النزاعات التي حصلت نجد يد خفية لا تريد الخير للإسلام و المسلمين تقوم بعمل الدسائس بين المسلمين و نشر الخرافات و الأباطيل
و هذه اليد الخفية البيئة المناسبة لعملها الجهل و التخلف و سيادة العصبية المقيتة و البعد عن فهم جوهر الدين لأن الإنسان الجاهل و الذي فهم الدين عصبية اشد تقبلا للخرافات و الدسائس و الأباطيل
و لا أريد الخوض في التفاصيل التاريخية فقد خاض فيه غيري كثيراً
و لكنني أود أن أتحدث عن واقعنا الحاضر حيث بدأت تظهر بوادر فتنة طائفية – لا سمح الله – و من خلال التحري و استقراء الواقع تبين لي أن وراء إيقاظ هذه الفتنة الصهيونية و اليمين المتطرف في إيران
لأن لكل منهم مشروعه الخاص في منطقتنا
و من المهم أن تعرف من يكيد لك و لكن الأهم من ذلك أن تعرف كيف تسد الطريق على من يكيد لك و تمنعه من تحقيق أهدافه
فهناك من ظن أن التصدي لمخطط هؤلاء هو السب و الشتم و اللعن لهم و نشر الصحيح و الباطل عنهم فقط
و لكنني أرى أن الطريق الصحيح للتصدي لمخططاتهم هو نشر الوعي في مجتمعاتنا سنة و شيعة ببيان خطر الظلم لأي كان و بيان خطورة الفتنة على الجميع و أن المتضرر الأكبر هم الأقلية و التحذير من الانجرار وراء مخطط هؤلاء فهم يريدون مصالحهم الخاصة بهم و لا يهمهم أمرنا سواء سنة أو شيعة و خير دليل ما يحصل في العراق.
و من المؤسف حقاً و نحن نعيش عصر العلم و الانفتاح و انتشار التقنية و المعلومات و تجد من يعيش بعقلية بداية القرن الماضي من التقوقع و الانغلاق و العصبية و تقبل الخرافات و الشائعات و تجده يعمل بكل طاقته لإيقاظ الفتنة.
و الأعجب من ذلك انك تجد من يدعوا إلى الفرقة و الطائفية و باسم الإسلام الذي محوره التوحيد و الوحدة
فهل من العقل و الحكمة و المصلحة أن ننبش الماضي لنختلف الآن ؟؟؟
فأهل الماضي أفضوا إلى ربهم و هو الذي خلقهم و أماتهم و سوف يحييهم ليحاسبهم على أعمالهم و لن يسألنا الله عما فعلوا.
فلماذا يحمل البعض أنفسهم مسؤولية الماضي فيجلدون ذواتهم فينشغلون عن بناء الحاضر و تقديم ما هو مفيد لهم في الدنيا و الآخرة فكل إنسان مسئول عن نفسه و عمن يعول.
و البعض ينشغل بشتم أناس ذهبوا إلى ربهم و هذه الشتائم سوف يحملون وزرها يوم القيامة إن كانت خاطئة و لن يؤجروا عليها إن كانت صائبة فلا يوجد أجر على الشتائم و هذه الشتائم تسبب أذى للآخرين و بالتالي فرقة بين المسلمين فهل من العقل و الحكمة و المصلحة هذا الفعل؟؟؟
و أنبه الذين يشتمون و يطعنون بالصحابة رضوان الله عليهم بان هذا الأمر في غاية الخطورة لأنه يلغي الجزء الأكبر من تاريخنا الإسلامي الذي نعتز به و لأنه يتسبب بتشكيك المسلمين بعقيدتهم و يحول دون دخول غير المسلمين في ديننا لأن هذا الدين تم نقله لنا عن طريق الصحابة فإذا تم التشكيك بالصحابة فسيؤدي إلى الشك بالدين كله .
فمصلحتنا الدينية و الدنيوية تقتضي أن ندفن الماضي و نتآلف الآن على ما هو عقلاني و منطقي بعيداً عن الدسائس و الخرافات و الشائعات
فمن خلال رؤيتي للواقع أن هناك كثير من الأقاويل الباطلة يتداولها السنة و الشيعة فيما بينهم الآن في عصر العلم و الانفتاح و هي موروثة من عهد التخلف و الجهل و لا أساس لها من الصحة .
و أخص بالذكر تلك الأقاويل التي يتناقلها بعض الشيعة بأن أهل السنة يكرهون آل البيت سلام الله عليهم و هذا أمر عار عن الصحة و لا أصل له .
و هناك جهل كبير بجوهر الدين و مقاصده السامية من المسلمين و بمختلف طوائفهم و تياراتهم
و هناك جهل كبير بالعقائد و الأحكام من قبل عامة المسلمين و بمختلف طوائفهم.
فهناك بعض المسلمين لا يعلم من الدين سوى أنه سني أو شيعي و ربما ورث بعض الأباطيل عن المذاهب الأخرى من مجتمعه و التي تكرس التفرقة و كأن الدين جاء للتفرقة و العصبية المقيتة .
فالأولى الآن من الدعاة في كل طائفة أو تيار نشر الوعي و ثقافة الحوار و غرس العقيدة السليمة بين عامة الناس من طوائفهم و تعريفهم بالأحكام الشرعية فهذا سوف يكون حصناً لهم من العقائد الأخرى التي يخشون عليهم منها بدلا من الطعن في عقيدة الطوائف الأخرى و التي تسبب الفرقة و لا تأتي بخير .
فهل من شتم إبليس له اجر فما بالك بشتم الآخرين الذي يسبب الفرقة و التنازع ؟؟؟
و لكن التسبيح و الصلاة على النبي و آل بيته الطيبين الطاهرين و صحابته الكرام و طلب العلم عليه أجر و ثواب
و من أراد دعوة الطوائف الأخرى فعليه بمحاورتهم و مناظرتهم وجها لوجه فالطعن بالآخرين من على المنابر و في المحاضرات و في المواقع ليست طريقة للدعوة و لكنها تنفرهم و تتسبب بشحناء و فرقة .
و ادعوا الأخوة المتلقين للعلم من أي مصدر كان و عبر أي وسيلة كانت أن يأخذوه بعقل متفتح بعيدا عن العواطف و الأهواء و أن يأخذوا النافع و يتركوا الضار فلا يوجد معصوم عن الخطأ في عصرنا الحاضر و نحن نعيش في عصر العلم و التكنولوجيا فالتبعية و العصبية العمياء مرفوضة و هذا لا يعني رفض كلام المخطأ كلياً و الطعن فيه بل نلتمس له الأعذار و نبقى على احترامنا له و لكننا ندع خطأه
و انصح الأخوة المتلقين للفتاوى في الأمور الحساسة مثل التكفير و القتل أن يأخذوها من مصادرها الموثوقة و من إجماع العلماء الربانيين و ليس من آحادهم .
و ادعوا تيار الوسط في كل طائفة أن يخرجوا عن صمتهم و ينبذوا المتطرفين من بينهم و ألا يسلموهم زمام الأمور و ألا يعمموا في أحكامهم فهؤلاء المتطرفين لا يمثلون إلا أنفسهم فالتعميم يتسبب بالفرقة و الشحناء .
و أما بالنسبة للاختلافات المذهبية فهذه من اختصاص العلماء من كل طرف فما الفائدة من إقحام العامة بها و لن يستطيع أي طرف تغيير قناعة الطرف الآخر سوى بالحوار فلماذا تبادل الشتائم و الاتهامات عن بعد.
و في الختام ما أجمل أن تجتمع في أهل السنة و الشيعة تلك المحبة الذوقية للنبي و آل بيته الطيبين الطاهرين و صحابته الكرام بعيداً عن الإفراط و التفريط و الالتزام بالأحكام الشرعية الثابتة بالكتاب و السنة بعيداً عن الغلو مع التماس التيسير على الناس فامتنا ضعيفة لا تطيق التشديد و البحث عن نقاط الالتقاء و نبذ عوامل الفرقة ففي هذا خير للجميع و غيظ للأعداء .